صور أيام بوغار العسكرية
صور أيام بوغار العسكرية
صور أيام بوغار العسكرية
صور أيام بوغار العسكرية
صور أيام بوغار العسكرية
صور أيام بوغار العسكرية
صور أيام بوغار العسكرية
و تـبـقـى
الـحـكـمـة سـاريــة الـمـفـعـول
ليس
غريبا لما تسمع دعاءا يأتيك من شيخ أو عجوز طاعنة في السن و تقول لك بعدما تنجز
لها عملا ما
( روح يا وليدي قدامك خضرة و موراك
خضرة )
و تكون أبواب السماء مفتوحة فتصبح في نعيم و تتمتع بحياة أجمل و
لكن إذا سمعت العكس كيف تصبح و كيف تمسي !...
قصتي
هذه قصة واقعية عشتها بمرارة منذ زمن بعيد و ها هي أحكيها لأول مرة:
لما
كنت صغيرا و أنا في الخدمة الوطنية عشت حادثة لم تكن في الحسبان بل أنا أعيشها حتى
الآن , في سنة ألف و تسعة مائة و اثنان
و ثمانون (1981) كنت في ثكنة بوغار بمدينة قصر البوخاري ولاية المدية و كنت عسكريا ناشطا بما أنني كنت من أشبال
الثورة و أتمتع بصحة و عافية و كانت لذي فصيلة عسكرية أقوم بتدريبها و موقع عملي
كان بعيدا عن الثكنة الأم و كنت أحمل كل يوم الوثائق و أذهب بها إلى الإدارة و
أمشي مسافة ستة كيلومترات أصعد فيها الجبل و أتسلق الصخور و أمر على قرية بوغار
لكي أصل إلى الثكنة الأم و أضع الوثائق و أحمل البريد الوارد إلى العسكريين
الموجودين عندي و أعود أدراجي و أمرّ كذلك
على القرية الصغيرة و الخاوية من الأهالي .
في
يوم من أيام الله حضّرت البريد الصادر و صعدت كالعادة الجبل و مررت في وسط قرية بوغار و وصلت إلى الثكنة فقضيت
أعمالي هناك ثم وليت راجعا ,و في ذالك اليوم المثلج و البرد القارص و أنا راجع إلى ثكنتي الصغيرة
دخلت قرية بوغار و ما إن وصلت إلى خارج القرية استوقفتني عجوز طاعنة في السن تمشي
على ثلاث كانت جالسة أمام منزلها تنتظر من يمر من أمامها لكي تطلبه لفتح الباب
الحديدي لها و كان همي أنا الذي كنت أمامها فطلبتني بصوت خافت و قالت: يا ولدي افتح لي الباب فلم أستطع فتحه ,
رجعت قليلا إلى الوراء و اتجهت نحو الباب الحديدي فكان صعب في فتحه فعلا فتعاركت
معه و بفعل البرد القارص و الثلج المتساقط عليه فتحته و بصعوبة تامة و لما فتحته
قامت و هي معكوفة الظهر و دخلت الباب من خلفي و في تلك اللحظة بالذات و بدون أن
تتوقف قالت لي و أنا ذاهب لأتجه نحو المنحدر و يا ليتها ما قالت :
( روح يا وليدي
قدامك خسارة و وراك خسارة ) فصعقتني في الصميم .
أنا
الذي كنت مرحا و ذو حظ كبير رجعت مكفهر الوجه لا أبتسم و لا أضحك كالعادة, المهم
واصلت هبوطي في المنحدر فارغ الرأس و كأنها غسلت مخي و بات لا شيء فيه و من تلك
اللحظة لم أفكر في أي شيء.
كانت الساعة آنذاك الحادية عشرة صباحا لما وصلت
إلي مكتبي المتواضع وضعت أوراقي و البريد الوارد و اتجهت نحو غرفتي المظلمة و
استسلمت للنوم العميق و ليس من عادتي النوم بالعكس كنت أحب الرياضة و كرة القدم
لما انتهي من التدريب و التعليم العسكري اتجه مع جنودي لنلعب مقابلة في كرة القدم
.
نمت
من الساعة الحادية عشرة و نصف صباحا و لم استفق حتى الساعة السادسة صباحا من اليوم
الموالي , فبدأت أراجع مسلسل الواقعة و أفكر ماذا قالت لي و أنا طريح الفراش و
ماذا فعلت فنهضت مسرعا لبست ثيابي العسكري و بدون أن أتناول فطور الصباح كالعادة اتجهت
نحو مكتبي و أخدت البريد الذي حضره لي صديقي في العمل و انطلقت مسرعا نحو الجبل و
تسلقته بسرعة لكي أصل عند تلك العجوز لأتمكن من معرفة ما قالته لي البارحة و لما
وصلت عند باب منزلها بدأت أدقدق في الباب الحديدي المشئوم و طالت الإجابة و كانت
الساعة السابعة و نصف صباحا و بعد لحظة خرج رجل كبير و هو عسكري بالثكنة فسلمت
عليه و قال لي ما بك ترتعش هكذا فقصصت له القصة بكاملها فبدأ يضحك و قال لي لا
عليك فلا تخف لقد قالتها هكذا بدون قصد , انصرفت من أمامه و بدأت الدموع تتساقط
لوحدها و من ذلك اليوم و أنا أتذكر تلك القصة المشئومة و الدعاء الفجائي بدون ما
أفعل أي شيء سيئ أو يضر تلك العجوز بل بالعكس عملت عملا صالحا لوجه الله .
(
روح يا وليدي قدامك خسارة و وراك خسارة )
الواقعة
هذه لها ما يقارب الواحد و الثلاثون سنة و لم أنسى و أتذكرها كلما أخسر في معاملتي اليومية
فأرى و كأن تلك المصيبة كانت مكتوبة إلى أجل لا يعلمه إلا الله تبارك و تعالى و بالفعل كانت أمامي خسارة كبيرة و خلفي خسارة
كبيرة و أنا أعاني من هذه الأزمة حتى الآن و لم أستطع أن أنسى و لو للحظة قليلة و
كلما أواجه مشكلة إلا و أتذكر تلك الحكمة المشئومة و التي سقطت علي كالصاعقة .
و
تبقى الحكمة سارية المفعول حتى الآن و لا زلت أعاني و أعاني و أعاني في صمت و كلما
أحكي القصة لمن يسمع لي لا يهتم بها و لكن أنا أعاني خباياها و لا أحد دلني على أن أتجاوزها و أبدئ في حياة
جديدة و عكرت صفو حياتي و بثت أخاف و أقلق من مستقبلي و بالفعل ضاعت حياتي و حتى
في معاملتي وجدت هذه الحكمة تلازمني و في كل شيء بالرغم من أن أعمالي و مواهبي لم
تشفع لي و صرت متذمرا و متشائما من كل شيء و ركبني اليأس .
بين
دعاء الخير و دعاء الشر تختلف المواقف و بين الحكمة النبيلة و الحكمة السيئة لها
دلالتها و مفهومها الخاص و لكن لما تأتي هكذا و تسمع دعاءا مشينا يعكر صفو حياتك و
تحس به فعلا في يومياتك المعاشة تقلق و ينتابك الذعر و أنت لم تفعل أي شئ , حقيقة
هي قصتي الواقعية التي أنا أعيشها حتى الآن أمامي خسارة و خلفي خسارة فعلا لن تذهب
من مخيلتي و عقلي و يبقى المخ منشغل بها حتى يأتي الفرج من عند الله و هو خاتم
الكلام سبحانه و تعالى .
قصة واقعية عشتها
أنا جلول حساني
( روح يا وليدي
قدامك خسارة و وراك خسارة )